الجمعة، 21 فبراير 2014

هاواي




وفي أول يوم في رحلة هاواي، وبعد تناول الغداء اقترح الجميع أن يقوموا بأخذ قيلولة سريعة للإستراحة من إرهاق السفر، ولشحن الطاقة لمواصلة البروجرام الليلي.
صعدت معهم، ثم بعدما ذهبوا في سبات عميق وجدتني وحدي من رفض النوم لها أن يأتي فنزلت لاستكشاف المكان.
كان الجو رائعا بغض النظر عن ازدحام الشاطئ.
كانوا ينظرون لي بريبة وكأنهم يقولون "ماذا آتى بها إلى هنا"؟
عل ملابسي أثارت ضيقهم فهمي محتشمة بالمقارنة بما يرتدون.
وكان منهم من لاينتبه لمروري؛ فقد كان بعضهم ينظر في وجه رفيقاته متناسيا جمال الطبيعة المحيطة به وكأن هذا الوجه قبالته يغنيه عن مائة منظر خلاب.
شعرت معهم بأنني غريبة ولا شك فكان الشعور بيننا متبادل.
ثم قليلا وبعد انتهاء الدهشة الأولية أصبحت منفصلة عنهم ووجهت نظري للبحر وأطلقت لروحي العنان.
حتى وصلت دون وعي لشاطيء بعيد عن المارة ولا يوجد عليه أحد.
سعدت بهذا كثيرا؛ فهنا فقط سأصبح بحريتي، ودخلت قليلا البحر لأستمتع بملامسته لساقي..كان الماء مغري ومختلف كثيرا عما تعودت عليه.. فلون البحر أزرق صافي وليس كالبحر المتوسط مائل للرمادي.
الماء رائقة لا يوجد فيها شائبة.. أستطيع أن أرى قدمي وهي مغطاة بالماء وكأنها تحت زجاج شفاف.
لهوت كثيرا مع البحر، وملئت كفوفي بمائه ونثرتها على الرمال وتارة أغوص بقدمي في الرمل محدثة حفرة صغيرة سرعان مايجعلها البحر تزول.. وتارة أخرى أسير بتحدي داخله عازمة ان أصل لمنتصفه وحينما أجده قبل التحدي بإرسال موجة لي أهرب منها إلى الخارج حتى لا تمسني وكأننا نلعب سويا.
 وحينما مللت قررت الصعود إلى إحدى الصخور على هذا الجبل الصغير المطل عليه.. ووصلت إلى القمة وجلست وقدمي ساقطة في الفراغ ووجهي يستقبل رذاذه بانتعاش وظهري عاري على هذا المرتفع لا يتكئ على شيئ.
مارست هوايتي وعبادتي في التأمل والتفكر إلى أن أسدل الظلام ستاره مبشرا بقدوم الليل.
هنا فقط انتبهت بأن الوقت قد نفد سريعا وأن علي الرجوع لألحق بالمجموعة قبل أن ينتبهوا لغيابي وأثير قلقهم.
نزلت على مهل وكدت أسقط؛ فالإضاءة أصبحت خافتة حتى فعلتها بنجاح وأنا أقفز، هكذا أضمن من أن أضع قدمي على شيء لا أراه بوضوح.
نظرت على مرمى البصر فوجدت الإضاءة التي تشي بالشاطئ المقصود تبعد عني كثيرا فمن الواضح أنني سرت مسافة لا بأس بها دون أن أشعر.. قررت أن أهرول في خطوتي وكان القمر معي يضيئ لي دربي .
وأثناء هرولتي سمعت همهمات بشرية تشي بأن هناك أناس ثملين أو لعلهم يمارسون الرذيلة ولكن ماذا يأتي بهم إلى هذا المكان المقفر وهم يستطيعون فعل أي شيئ في أي مكان دون  رادع.
صدق حدسي واتفاجئت بوجود شابين يعترضون طريقي وينظرون لي بريبة ..
كانت ملامحهم كالأوغاد كما تصوره السينما.. أحدهم يرتدي قميص مفتوح يظهرصدره عاريا إلا من سلسلة فضية تلمع في الظلام و بنتاكور يشي بذوق رديء،  والآخر لايرتدي شيئا تقريبا إلا مايوه إن لم تخني الذاكرة .
"تبا ، من غير المعقول أن يسألوني عن الباسبور"!
كانوا يتكلمون بلغة لا أفهمها ويلوحون بأيديهم وكأنهم يحادثون بعض بلغة الإشارة عن غطاء رأسي وعن ما أرتدي والآخر يخبره بإشارة من يديه راسما فازة "ولكنها أنثى" .. بقدر فضولي عن هويتهم ومعرفة ما الملفت في من وجهة نظرهم، ولكن ليس هذا وقت أسئلة ساذجة فلأطلق لساقي العنان إذن .. وجريت بعزم ما في، وهما مازالا يرسمون بأيديهم على الهواء.
ظللت أجري حتى كادت أنفاسي أن تنقطع، وقلبي كاد أن يقفز من ضلوعي منذرا بأنني إن لم أتوقف حالا سيحدث ما لايحمد عقباه..
نظرت خلفي لأول مرة لأجد الشاطئ من خلفي خاويا مظلما وكأن لم يكن به أحد.
وقفت قليلا لأستريح وأنا أتمتم ببعض الأدعية، ثم بعد أن هدأ روعي سرت مهرولة إلى أن لمحت نفس الوجوه والمظاهر التي كانت تنظر لي بتعجب وكنت أنظر لها بنفس النظرة.
حتى لمحت إبراهيم رزق (مشرف الرحلة) يقف مضطربا مناديا على أحد العمال تقريبا ليسأله عن شيء ما فيهز الآخر رأسه أسفا.
عله يسأل عني ولا شك، ما أحنه.
ثم آتي محمد سلامة (رفيق الرحلة) أيضا ومن الواضح أنه يشرح له ما فعل وأنه ذهب أماكن متعددة ويهز رأسه آسفا.
هو أيضا يخبره بأنه بحث عني كثيرا ولم يجدني.
وجدتني أتنهد باسمة بعيون ناعسة"يا لها من رفقة محبة وحنونة"
 أريد أن أنادي بصوت مرتفع قائلة "ها أنا ذا؛ توقفوا عن البحث والإنزعاج لغيابي فأنا قادمة" ولكني أعلم جيدا بأن صوتي لن يسعفني مهما فعلت ..
ها أنا لم يعد بيني وبينهم إلا خطوات..
شعرت كأني كنت طفلة تائهة وتحتاج لحضن أبيها لتشعر بالأمان..
فكرت أن أفاجئهم بوجودي ليتحول قلقهم علي لفرحة غامرة.
فذهبت من خلف الطاولات لأصبح خلفهم فسمعت "إبراهيم" يصيح قائلا"
 كيف لا يوجد فول وبادنجان مخلل؟ هل أنت متأكد من أنك بحثت في المطاعم كلها؟"
ليقسم "محمد" بأنه فعل ولم يجد، بل أن هناك من نظروا له باستغراب ولم يفهموا ماذا يريد!
ومازال إبراهيم منفعلا " أنت اللي خلتنا ننساهم في الباص لما قلت أنك هتكون مسئول عن المأكولات.. وآدي النتيجة".
ماهذا ألم يثيرهم غيابي للقلق والريبة بقدر غياب الفول والباذنجان!
يا لها من رفقة فعلا.
انصرفت دون أن أخبرهم بوجودي، لأجد طاولة البنات فأجلس معهن فيسألني في وقت واحد "كنتي فين.. قلقنا عليكي".







هناك 4 تعليقات:

  1. أنا كنت معاكم في الرحلة ، صح ؟

    ردحذف
  2. ههههههههههههههه
    كله الا الفول

    ايه رايك فى الفول بتاع هاواى

    ردحذف